نيتشه يسأل الدابة : لماذا ...؟

من بين النصوص الممتعة والمثيرة للتفكير والتامل هذا النص النيتشوي -نسبة إلى الفيلسوف الألماني نيتشه- الذي يتناول فيه إشكالية الألم عند الإنسان وارتباطه بالماضي والحاضر، مقارنة بالحيوان -الدابة هنا- السعيد الذي يعيش اللحظة (الحاضر) منفصلة عن الماضي ...
أترك لكم فرصة قراءة النص وتأمله

تأمل القطيع الذي يمر أمامك وهو يرعى، إنه لا يعرف ما حدث بالأمس وما يحدث اليوم: فهو يجري هنا وهناك ويأكل ويرتاح ثم يجري من جديد من الصباح إلى المساء وعلى مر الأيام سواء أكان مسرورا أو منزعجا: إنه مشدود إلى وثاق اللحظة بحيث لا يعبر عن كآبة أو ملل. إن الإنسان لا يرى شيئا من هذا القبيل، لأنه يختال أمام الدابة رغم غيرته من سعادتها هاته. فما تحياه الدابة من عدم اكتراث بالتقزز والألم، وهو مايريده الإنسان، ولكنه يريده على نحو آخر لأنه لايستطيع أن يريد مثل الدابة. وربما يخطر بباله يوما ما أن يسأل الدابة: " لماذا لا تحدثيني عن سعادتك ولماذا تكتفين بالنظر إلي فقط ؟". وتهم الدابة بأن تجيب وتقول: " إنني أنسى في كل مرة ما أنوي قوله". ولكن في الوقت الذي تستعد الدابة للجواب تكون قد نسيته فتسكت، مما يثير دهشة الإنسان، ولكنه يندهش من نفسه أيضا لأنه استعصى عليه أن يتعلم النسيان فيظل مشدودا باستمرار إلى الماضي، ومهما فعل ومهما ذهب بعيدا وأسرع خطاه لاحقته السلسلة دوما. إنه لأمر عجيب: تظهر اللحظة في رمشة عين، وتزول بنفس السرعة. من قبلُ كان العدم، ومن بعدُ يعود العدم. "

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من هم الفلاسفة الطبيعيون أو الحكماء الطبيعيون السبعة؟

الحرية والقانون Freedom and Law

تحليل نص روسو : أساس المجتمع