مجزوءة المعرفة : تقديم ثان



تقديم ثاني:



تشكل المعرفة المبحث الثاني في النسق الفلسفي بعد الوجود، وتمثل سمة مميزة للكائن البشري في محاولة لتفسير وفهم ما يحيط به من ظواهر وما يطرح على ذهنه من أسئلة. حاول الإنسان في مرحلة أولى تفسير الظواهر تفسيرا خرافيا بتدخل قوى خارقة، ثم انتقل إلى تفسير تجريدي بالبحث عن ماهية الظاهرة، قبل أن يؤسس علاقة مباشرة بالواقع قائمة على التجربة الحسية  والملاحظة العامية العادية، وهو ما لا يتيح فهما دقيقا للظواهر. فكانت المرحلة العلمية تجاوزا لما سبق وتعبيرا عن تطور العقل سواء في فهمه لظواهر الطبيعة والإنسان وحتى فهمه لذاته. وقد توخت هذه السيرورة الإمساك بحقيقة الظواهر من خلال صياغة نظريات علمية يلغي بعضها بعضا ومعايير تتغير باستمرار، بل ومراجعة العقل ذاته. وهكذا تساءلت فلسفة العلم أو الابستمولوجيا حول شروط إمكان المعرفة العلمية وحول صلاحية النظريات ومعاييرها وكذا الإشكالات التي تثيرها دراسة الظاهرة الإنسانية: كل ذلك في إطار بناء الحقيقة باعتبارها غاية كل معرفة.
عبد الله مرشد

تعليقات