النظرية والتجربة المحور الأول : التجربة و التجريب
المحور الأول : التجربة و التجريب
ما قيمة التجربة والمنهج التجريبي في بناء المعرفة العلمية؟1- موقف كلود برنار (التصور التجريبي التقليدي): المعرفة إنصات للطبيعة
يعتبِر كلود برنار أنه لا سبيل إلى المعرفة العلمية إلا عبر المنهج التجريبي الذي يتطلب من العالِم (الملاحِظ) الجمع بين شرطين منهجيين ضروريين: أولهما، قدرته على الجمع بين الملاحظة والتجربة واقتراح الفرضيات، وثانيهما أن يكون حذِرا من الوقوع في الملاحظة الجزئية والمستعجلة لأن التساهل في الملاحظة يؤدي إلى تشويه إدراك الظاهرة المدروسة، إما بإهمال بعض أجزائها أو بتعميم بعضها على بعض. لهذا يرى كلود برنار أنه "على الملاحِظ أن يكون إذن أثناء معاينته للظواهر بمثابة آلة تصوير تنقل بالضبط ما هو موجود في الطبيعة، حيث يجب أن يلاحظ دون فكرة مسبقة وعليه أن يصمت وأن ينقل كل ما تمليه عليه الطبيعة"، لكن هذا الإملاء وهذا الإنصات لا يتم اعتباطا وإنما يتحقق باتباع الخطوات التالية التي توفر له القدرة على الجمع بين الفكر النظري والممارسة التجريبية:
1-- الملاحظة الواقعية الدقيقة
2-- ميلاد الفرضية(جواب احتمالي) تبعا للملاحظة / المعاينة.
3-- العودة إلى الواقعة من أجل تجريب مدى صدق الفرضية.
4-- الاستنتاج ، وهو ثمرة العمل التجريبي الذي تتأسس عليه ملاحظات جديدة.
2- موقف روني توم: (التصور التجريبي المعاصر) : الممارسة التجريبية والخيال
يميز روني توم بين مصطلح "منهج" ومصطلح "فعالية"، فينسب الأول لفلسفة ديكارت (المنهج الشكي)، ويربط الثاني بالممارسة التجريبية، ويعتبر أن الجمع بين المنهج والتجربة كالجمع بين المتناقضات التالية: (ثلجٌ محرق، نارٌ متجمدة)، لهذا يرفض توم استعمال كلمة منهج في العمل التجريبي، ويستعمل عوضا عنها مفهوم الفعالية التجريبية أو الممارسة التجريبية، والتي قد تكون لها أصول سابقة عن العلم وعن المنهج، ويمكن أن تستعين بالخيال في إقامة تجربة ذهنية تعالج نقائص التجربة العادية، و من أجل ممارسة تجريبية يؤكد توم على وجوب احترام الإجراءات التالية:
1-- عزل المجال المراد دراسته: تحديد الموضوع والزمان والمكان بدقة.
2-- إعداد المجال: توفير عناصر الموضوع المدروس ( مواد الاختبار)
3-- القيام بالتجربة: أي تسليط أدوات البحث على الموضوع المبحوث بدقة.
4-- تسجيل النتيجة: بصيغة دقيقة قابلة للقياس وتستجيب للنسق المدروس...
و رغم المرور من هذه الإجراءات فإن الواقعة التجريبية وحدها لا تؤسس واقعة علمية إلا إذا حققت المطلبين التاليين:
- أولا: وافقت قابليتها للتكرار، أي تقبل إعادة الإنشاء في مجالات زمانية ومكانية مختلفة.
- ثانيا: أن يكون لها أثر مادي في حياة الناس(منفعة)، وأثر نظري في تطور العلم(إضافة نوعية).
مساهمة من الأستاذ احمد الفراك
الصورة من اختيار عبد الله مرشد :)