اغتنموا اللحظة
إن
كل ما نملكه هو الحاضر . والمعيار الذي نقيس به راحة البال
ومقدار
الكفاءة الشخصية يتحدد حسب قدرتنا على أن نعيش اللحظة الحاضرة ؛ بغض النظر عما حدث بالأمس
ومن
هذا المنطلق يتحدد المعنى الحقيقي للسعادة والرضا في تركيز تفكيرنا على هذه اللحظة التي
نعيشها .
من
أجمل الصفات التي يتمتع بها الأطفال أنهم ينغمسون كلياً في اللحظة الحاضرة التي
يعيشونها .
فهم
ينجحون في الإنشغال بما يفعلون أيا كان ، سواء كان ذلك بمراقبتهم لخنفساء ، أو رسم
صورة ،
أو
بناء قلعة رملية ، أو أيا كان النشاط الذي يختارونه ليفرغوا فيه طاقتهم .
وعندما
نكبر ، نتعلم مهارة القلق ، والتفكير في عدة أشياء في نفس الوقت .
فنسمح
لمشكلات الماضي والخوف من المستقبل بأن يزاحموا حاضرنا ، ولهذا نصبح تعساء وعاجزين
عن فعل أي شيء .
ونتعلم
أيضاً أن نؤجل
سعادتنا ومتعتنا ،
حاملين بذلك الشعار الذي يقول إنه في المستقبل قد تتحسن الأوضاع عن حالها
الآن .
فطالب
المرحلة الثانوية يقول في نفسه : ” عندما أنتهي من هذه الدراسة ، فلن أكون
مضطراً لأن أفعل ما يأمرونني به ،
وستتحسن
الأمور كثيراً “
وعندما
تنتهي مرحلة المدرسة يكتشف فجأة أنه لن يكون سعيداً إذا لم يترك المنزل ويستقل بذاته
بعيداً عن الأسرة .
وعندما
يترك المنزل ويدخل الجامعة يقول في نفسه :
" عندما أحصل على شهادتي
العلمية سأكون حينها سعيداً حقاً “
وبعدها
يحصل على شهادته ولكنه يدرك أنه لن يكون سعيداً
إلا
عندما يحصل على وظيفة .
ويحصل
على وظيفته ذات المرتب القليل وعليه أن يبدأ من الصفر .
هل
توقعت معي ماذا سيحدث بعد ذلك ؟ فهو لم يتمكن من أن يصبح
سعيداً بعد كل ذلك .
وبمرور
سنين ، يمضي حياته مؤجلاً لسعادته وراحة باله حتى يخطب ثم يتزوج ، ويحصل على
منزل ،
ويحصل
على وظيفة أفضل ، وتكون له أسرة ، ويذهب أولاده للمدرسة ، هل توقعت معي ماذا سيحدث
بعد ذلك ؟
يتخرج
الأولاد من المدرسة ويتقاعد عن العمل …. وهكذا حتى يموت دون أن يمنح نفسه هذه
السعادة .
فقد
أضاع كل حاضره في التخطيط لمستقبل رائع لن يأتي أبداً .
هل
تتشابه قصتك مع هذه القصة بعض الشيء ؟
وهل
تعرف شخصاً ما كان يؤجل سعادته دائماً لوقت ما في المستقبل .
فعندما
نذهب في رحلة مع بعض الأصدقاء نستمتع بجميع الوقت الذي نقضيه في الرحلة
ولا
نقرر تأجيل متعتنا حتى نصل إلى المكان الذي نريده .
وبنفس
الطريقة نؤجل قضاء أوقاتنا مع هؤلاء الذين نحبهم .
الخلاصة
:
( إن الوقت ماهو إلا فكرة
مجردة بعقلك )
واللحظة
الحالية هي كل الوقت الذي تملكه . فلتستفد من هذه اللحظة كما ينبغي ! .
علّق
” مارك توان ” مرة قائلاً إنه تعرض لخبرات قاسية في حياته ،
البعض
منها حدث بالفعل على أرض الواقع . أليس هذا حقيقياً ؟
فإن
تفكيرنا في :
ماذا
قد يحدث غداً وكيف يمكن أن نتغلب على ما سيأتي من صعاب ؟
قد
يلقينا في التهلكة ، ولكن إذا حصرنا تفكيرنا في اللحظة التي نعيشها ،
والتي
لا نملك إلا سواها فلن تكون هناك مشكلة على الإطلاق .
اغتنموا
اللحظة الحاضرة .