هل هناك تعارض بين الفهم والتفسير في العلوم الانسانية؟
يعتبر لوسيان ڭولدمان (Lucien Goldmann) من أهم السوسيولوجيين الذين جمعوا بين الفهم والتفسير في دراسة الأثر الأدبي والثقافي، ضمن ما يسمى بسوسيولوجيا الأدب. وتسمى منهجيته السوسيولوجية بالبنيوية التكوينية (structuralisme Génetique)، والهدف من هذه المقاربة هو دراسة الأعمال الأدبية والفنية والجمالية بغية تحديد رؤى العالم، بالاعتماد على خطوتين إجرائيتين متكاملتين هما: الفهم (Compréhension) والتفسير(Explication). ويعني الفهم دراسة الأثر الأدبي أوالفني في كليته، دون أن نضيف إليه شيئا. وأكثر من هذا، البحث عن البنية الدالة والخاصية الدلالية لسلوك الفاعل الجماعي. بمعنى البحث عن المعنى البنيوي المحايث الموجود داخل المتن أو النص أو العمل، وإضاءة الخاصية الدلالية للأثر الثقافي.ثم، إدماج هذه البنية الدالة ضمن بنية أوسع قصد استخلاص رؤية العالم، ولن يتم ذلك إلا بتفسير الأثر الأدبي والفني والثقافي بمعطياته السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتاريخية، والثقافية، وتحديد أنماط الوعي( الوعي الزائف، والوعي القائم، والوعي الممكن).
وهكذا، يوفق لوسيان ڭولدمان بين علوم الطبيعة (التفسير)، وعلوم الإنسان(الفهم)، ويوفق بين نظرية إميل دوركايم التفسيرية، ونظرية ماكس فيبر التفهمية، ضمن بوتقة منهجية واحدة سماها البنيوية التكوينية. ويعني هذا أن ليس هناك أي تعارض حقيقي بين منهج الفهم ومنهج التفسير.