المحور الثاني السعي وراء السعادة
السعي وراء السعادة
إذا كانت السعادة هي الخير الأقصى والغاية التي
يسعى الإنسان وراءها، فما هي السبل المؤدية إليها؟ وإلى أي حد يمكن بلوغ
السعادة؟
أو متابعة القراءة
إن التصور القائل بأن السعادة هي المتعة، أو
ما يسمى مذهب اللذة هو التصور الأكثر شيوعا من غيره. وهو يقوم على تحقيق أكثر قدر
من اللذة للوصول إلى السعادة. تتحدد اللذة عند أبيقور
كغياب واعي للألم والإزعاج، وهذا
هو الهدف الذي تسعى إليه كل الموجودات البشرية منذ الطفولة وفي جميع مراحل العمر، إلا أن هذا الفيلسوف يبين أن اللذة
التي يفضلها ليست ذلك النوع الذي يؤدي إلى سلوك لا أخلاقي أو يحطم قدرة المرء على
الاستمتاع باللذات الأخرى. في مقابل ذلك ترى الفلسفة الرواقية ممثلة في إبكتيت أن
السعي وراء اللذة وإشباعها لا يؤدي إلى سعادة الإنسان بل إنها مصدر شقائه. لذلك
فشرط تحقيق السعادة هو التخلص بقدر الإمكان من اللذات والرغبات.
يمكنك مشاهدة الدرس المصور
أو متابعة القراءة
هكذا نجد هذا التوتر الحاصل بين اللذة
والسعادة فاللذات أو الرغبات قد تكون مصدر سعادة كما يمكن أن تكون مصدر شقاء وهو
ما يوضحه روسو معتبرا أن السعادة تحصل
بتحقيق معادلة متكافئة بين الرغبة والقدرة وهو ما كان ممكنا في حالة الطبيعة حيث
كانت الرغبات بسيطة ومقدورا عليها، أما في حالة المدنية والمجتمع فإن الرغبات قد
تطورت وتجاوزت قدرات الإنسان الذي انتقل من السعادة إلى الشقاء بسبب تجاوزه
للضروريات إلى الكماليات التي تحولت هي الأخرى إلى حاجيات ضرورية وأساسية. غير أن
المشكل يتمثل في أن الإنسان يشقى بفقد تلك الكماليات دون أن يكون سعيدا بتملكها.
إن بلوغ السعادة يتطلب التضحية بالكماليات
والعودة إلى ضروريات حالة الطبيعة البسيطة. لكن الإنسان مستعدا لهذه التضحية؟
لا يمكن للإنسان العودة إلى الوراء إلا أنه
يمكن تحصيل السعادة حسب هيوم الانتباه
إلى مكامن الجمال في الناس والأشياء. والذي يتطلب إحساسا مرهفا وذوقا ساميا فيعمل
ذلك على جعل الشخص يستمتع بالأعمال الفنية (الشعر، الرسم، الموسيقى المناظر الطبيعية). وهو
ما يوسع من دائرة سعادته وفرحه بالحياة والإقبال عليها ويشترط هيوم ما يسميه تهذيب
الذوق وتربيته ليكون راقيا ويستمتع بمختلف تجليات الجمال.
انطلاقا مما سبق يتبين أن السعادة لا يمكن أن
تتحقق من طريق واحد نظرا لاختلاف مجالاتها، وأيضا لتعدد وتضارب الرغبات الإنسانية
التي تجعل من السعادة هما فرديا يتجاوز الغير. لكن إلى أي حد يمكن للإنسان أن يحقق
السعادة بعيدا عن التزامه بالواجب تجاه الغير؟
المحور الأول :
المحور الثاني:
المحور الأول :
المحور الثاني: