موت سقراط وإصلاح المدينة

  
  إن مقابلة أفلاطون لسقراط هي التي حركت في نفس أفلاطون وأشعلت فيها نيران الفلسفة. وإن الانطباع الذي خلفه سقراط، وذكرى سقراط التي لا تنسى هي التي أذكت في نفسه، طوال حياته، الشعلة التي ما زالت تضيء أنفسنا حتى اليوم.
فسقراط الفيلسوف الوحيد الذي عرفه العالم،
 سقراط صديق الآلهة،
 أفضل الناس واحكمهم،
 سقراط هذا حكم عليه مواطنوه بالموت.
...
إن إدانة سقراط كانت امرا لا مفر منه، وله مغزاه: فسقراط كان "يجب" أن يموت لأنه كان "فيلسوفا"، كان يجب أن يموت لأنه لم يكن هناك مكان له في المدينة.
...
أليس هذا هو من جهة أخرى درس سقراط الذي لم يشأ أبدا أن ينفصل عن المدينة أو يعصي قانونها، حتى ذلك القانون الجائر الذي أدانه، أو يهرب ليفلت من العقاب؟
...
ومرة أخرى ما العمل إذن إذا لم يستطع الإنسان لا الحياة في المدينة ولا أن يعزل نفسه منها؟ ليس هناك وى وسيلة واحدة للخروج من هذا المأزق: يجب إصلاح المدينة.
...
ولكن من يستطيع إصلاح المدينة الظالمة والجاهلة - وهي ظالمة لأنها جاهلة - إذا لم يكن هو ذلك الذي "يعلم" وبعبارة أخرى، الفيلسوف؟ ولكن المعرفة لا تكفي - ومثل سقراط دليل على ذلك - بل يجب أن يضاف إليها السلطان.
إذن فحل المشكلةالتي أثارها موت سقراط بسيط جدا. فليس للفيلسوف مكان في المدينة إذا هو لم يكن في مركز الرياسة منها... يجب أن يصبح الفلاسفة ملوكا أو أن يصبح الملوك فلاسفة. السلطة للملوك الفلاسفة.
...
إن إصلاح المدينة - وهو إصلاح سياسي وأخلاقي - يفترض ويقتضي أولا إصلاح التعليم... والفيلسوف هوالذي يناط به واجب تعليم الشباب لإصلاح مواطني المدينة المستقبليين.

من كتاب مدخل لقراءة أفلاطون لألكسندر كويري ترجمة عبد الحميد أبو النجا 
(بتصرف)

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من هم الفلاسفة الطبيعيون أو الحكماء الطبيعيون السبعة؟

ملخص محطات من تاريخ تطور الفلسفة

تحليل نص روسو : أساس المجتمع