المحور الأول: تمثلات السعادة
مجزوءة الأخلاق
مفهوم السعادة
محور تمثلات السعادة
--------------------------------
مفهوم السعادة
محور تمثلات السعادة
--------------------------------
شاهد الدرس المصور
أو تابع القراءة
--------------------------------
يحيل التمثل représentation إلى بناء صورة مطابقة للموضوع الأصلي في
الذهن ويكون بهذا المعنى مبنيا على الشبه وعلى الإدراك الذي يقود إلى طرق محددة في
التفكير وإلى القيام بفعل أو سلوك محدد. يترتب على ذلك أن التمثل يتحدد كنسق من
القيم والمفاهيم والسلوكيات المرتبطة بسمات ومواضيع معينة. وهو ما ينطبق أيضا على
السعادة. فإذا كانت هذه الأخيرة غاية يسعى إليها كل إنسان فما المقصود بالسعادة؟
وهل يمكن توحيد التمثلات حولها ؟
يؤكد
أرسطو أن السعادة ليست ملكة أو قدرة
طبيعية جاهزة، وإنما هي مكتسبة عن طريق الفعل والعمل. فالسعادة فعل يختاره الفرد
بمحض إرادته وهو فعل مطابق للفضيلة، والفضيلة تعني ذلك الاستعداد لفعل الخير. وهو
ما يجعل هذا الفعل ساميا ومطلوبا لذاته، أي غاية في ذاته. والملاحظ أن هناك أفعال
أخرى مطلوبة لذاتها كاللهو واللعب، لكن ربط الغاية من الحياة باللهو واللعب يعتبر
جهلا وسخيفا وصبيانيا، مبينا في المقابل أن السعادة تتمثل في حياة الفضيلة والجد
والاجتهاد. لكن إلى أي حد استطاع أرسطو تقديم مفهوم دقيق للسعادة؟
يعترف
كانط بصعوبة تحديد مفهوم للسعادة، فإذا
كان المفهوم يقتضي التعميم والتجريد، وإذا كانت تمثلات السعادة متعددة ومختلفة بل
ومتناقضة، فإنه تبعا لذلك ليس من الممكن بناء مفهوم عام ومجرد للسعادة. إن السعادة
خبرة شخصية نابعة من تجربة حسية جزئية
متغيرة متناقضة وغير أكيدة وغير نهائية. أكثر من ذلك فهي لا تخضع لقاعدة عقلية يمكن الاحتكام إليها لإصدار حكم أو تكوين مفهوم،
وإنما هي قائمة على مثل أعلى للخيال.
بناء
على ما سبق نستنتج أن تكوين مفهوم للسعادة يعتبر مطلبا صعبا نظرا لغياب مبادئ
عقلية أو قواعد متفق عليها، ما يؤدي إلى تعدد التمثلات واختلافها بل وتناقضها ليس
بين الأفراد بل لدى الفرد الواحد نفسه. أفلا يؤدي الاختلاف في تمثل السعادة إلى
الاختلاف في السبل المؤدية إليها؟