تحليل نص هايدغر : تهديد الأنا
في إطار الاشتغال على النصوص الفلسفية ارتأيت أن أضع بين يدي تلامذتي هذا النموذج لتحليل ومناقشة نص هايدغر من الكتاب المدرسي رحاب الفلسفة. وهي محاولة الهدف منها يظل تعليميا وتبسيطيا.
وسأعمل على تقسيمها حسب مطالب الاشتغال على النص تحليلا ومناقشة مراعيا ما جاءت به الأطر المرجعية المحينة وآخذا بعين الاعتبار عناصر الإجابة وبالخصوص المستجد منها خلال السنة الدراسية الماضية 2016-2017... وعلى العموم تظل هذه محاولة واجتهادا مؤطرا بطبيعة الحال داخل المؤسسة لكنه يظل على كل حال اجتهادا داخل إطار أكبر هو الفلسفة.
سأتناول في الجزء الأول مطلب الفهم والقدرة على التأطير..
يكشف الواقع عن وضعيات نضطر فيها إلى تغيير
تصرفاتنا كليا في حضور الغير، وأحيانا كثيرة نتجنب نظرته إلينا لأنها تزعجنا... وربما
أسأل نفسي كم سأكون سعيدا لو كنت موجودا لوحدي؟ وأتساءل أيضا هل نحن فعلا في حاجة
إلى الغير؟ ثم ألا يمكن أن نجد ذواتنا في العزلة والوحدة؟ إنها تقريبا نفس الأسئلة
التي خطرت على بال الفيلسوف الألماني هايدغر في تناوله لمفهوم الغير كمفهوم فلسفي
يندرج داخل المجال الإشكالي العام للوضع البشري الذي يتحدد كمجمل الشروط والحالات المحددة للوجود الإنساني.
وهو وجود لا يمكن أن يكون معزولا ومستقلا عن وجود الآخرين، مادام يتخذ أبعادا
مختلفة منها الوجود مع الغير، وما يمثله من أشكال التفاعل والعلاقة مع/ بين الذوات
التي تتمظهر في تمظهرات كثيرة مختلفة ومتناقضة... فإذا كان الغير يتحدد كأنا آخر
فهو لا يحمل بالضرورة معنى التطابق مع الأنا، بل قد يحيل إلى المغاير المختلف
والغريب الذي يفرض ذاته على ذاتي ويحاول إلغاءها. وبالتالي يصبح مصدرا للمفارقات التي
تجعل وجوده موضع تساؤل / إشكال.( والتساؤل المطروح) ف ما الذي يمثله وجود الغير بالنسبة لوجود
الأنا؟ هل هو فعلا ليس ضروريا باعتباره تهديدا
وإلغاء للذات، أم أنه، على العكس من ذلك، ضروري وشرط لوعي الذات وإثبات
وجودها؟ (بمعنى آخر هل الأنا في حاجة إلى وجود الغير أم أنه في غنى عنه ؟)