نص لاشوليي مطلب التركيب
ينتهي بنا الاشتغال على هذا
النص إلى مجموعة استنتاجات أهمها وجود اختلاف في
تحديد طبيعة هوية الشخص ومقوماتها، وهذا راجع إلى اختلاف وجهات نظر الفلاسفة
واختلاف مرجعياتهم، كما يرجع إلى تعقد هذا الإشكال وتعدد أبعاده. فإذا كان صاحب
النص ينفي وجود هوية جاهزة وثابتة، مؤكدا في المقابل أن الإحساس بوحدة الذات هو
إحساس غير حقيقي سببه وحدة الطبع وترابط الذكريات، فإن فرويد يؤكد وجود تعارض
وتناقض داخل الهوية نفسها التي تقوم على اللاوعي وعلى الغريزة . أما ديكارت فيؤكد
وجود هوية ثابتة أساسها العقل والتفكير كشرط لتحقق الشخص ووجوده، في حين يعترض
شوبنهاور على الذاكرة والتفكير مبينا أن جوهر الشخص هو الإرادة. وعلى العموم فإن أهمية إثارة هذا الإشكال تتمثل في محاولة إبراز الطابع الإشكالي للهوية
الشخصية، والتي ما فتئ الفلاسفة يعيدون التفكير فيها دون استنفاد النقاش حولها. وهذا
دليل على استمراريتها وراهنيتها وتجددها وكذا جديتها وتعقدها وتداخل مجالات
تناولها فلسفيا ونفسيا واجتماعيا... وأيضا لأن الهوية هي التي تحد الشخص وشروط
تحققه وتميزه. كما تكمن أهمية الإشكال في إثارة
السؤال "من أنا؟" و"من أكون؟" وهو سؤال الهوية والكينونة
والوجود لدى. أما رهان إثارة الإشكال فهو البحث عن حقيقة الشخص وتحققه وما يجعل الشخص هو
ذاته عارفا لذاته مستعدا لمراجعة البديهيات، خصوصا تلك المتعلقة بالذات، باحثا عن ذاته بين ركام من المظاهر والسطحيات
والأشياء، مكتشفا ذاته من جديد. إضافة إلى أن الرهان الأساسي هو ضرورة مساءلة الذات
والبحث عن حقيقتها، وأكثر من ذلك الكشف عن أوهامها وخيالاتها، وخصوصا وهم الوحدة
والثبات، وفي المقابل الإقرار بتعدد الهوية والأنا والذات وتشظيها، والخروج من وهم
"التمركز حول الأنا" EgoCentrisme، التي ليست في النهاية
إلا صدى لتمثلات قد تكون غير حقيقية. والخروج من تمركز الذات يقتضي الاتجاه نحو
الغير والانفتاح عليه كأحد شروط تحقق الشخص... وبما أن الهوية تعرف التعدد
والاختلاف والتناقض داخل الذات، ومادام الشخص يحس رغم ذلك بالوحدة الداخلية، ومادام
يقبل ذلك داخل ذاته فعليه قبوله أيضا خارج الذات وذلك في تعامله مع الأغيار المختلفين.