تحليل نص روسو : أساس المجتمع

تحليل نص روسو : أساس المجتمع






يتحدد الإنسان بأنه كائن اجتماعي بطبعه يسعى إلى العيش في جماعات، ولا يستغني عن غيره وهو ما دفعه إلى تكوين المجتمع. ويشكل المجتمع مرحلة انتقالية في تاريخ تطور النوع الإنساني والوجود البشري، لأنه يمثل مرحلة فاصلة بين حالتين متقابلتين وهي : حالة الطبيعة وحالة الثقافة. ويشير المجتمع في دلالته الفلسفية إلى "مجموعة من الأفراد يرتبطون بعلاقات منظمة ومصالح متبادلة". إضافة إلى ذلك يشترط قيام المجتمع وجود مؤسسات وقوانين تنظم العلاقات وسلطة ... للعمل على بقاء المجتمع وتماسكه واستمراره.
لكن التساؤل المطروح:
ما أساس وأصل المجتمع؟ هل يعود فعلا إلى طبيعة الانسانية الاجتماعية، أم إلى السعي للاتفاق والتعاقد الإرادي لتنظيم تلبية الحاجات؟
وما علاقة الفرد بالمجتمع؟ أيهما أسبق الفرد أم المجتمع؟
وكيف يمارس المجتمع السلطة على الأفراد هل بشكل قهري تسلطي مباشر أم بشكل غير مباشر عن تطريق التحكم في إشباع الحاجات؟

نص روسو
يندرج النص داخل المجال الاشكالي لمفهوم المجتمع، حيث يتناول الإشكال المتعلق بالأساس الذي يقوم عليه المجتمع، وهذا الأساس أو الأصل الذي يختلف حوله الفلاسفة فمنهم من يعتقد أنه قائم على  الضرورة الطبيعية ومنهم من يرى أنه قائم على الاختيار الحر والتعاقد الإرادي للأفراد. والتساؤل المطروح: ما معنى المجتمع؟ وما الأساس الذي يقوم عليه؟ هل يقوم على ما هو تعاقدي اتفاقي أم على أساس ضروري طبيعي؟
التحليل:
يشير المجتمع إلى مجموع الأفراد  الذين يشكلون المجتمع ويرتبطون بعلاقات منظمة بينهم من أجل إشباع حاجاتهم في إطار التعاون بينهم. ويؤكد روسو أن أن المجتمع يعود في نشأته بالأساس إلى التعاقد والاتفاق بين الأفراد الأحرار الواعين من أجل الانتقال من حالة الطبيعة التي هي حالة فوضى وعنف إلى حالة المدنية والمجتمع لما فيها من مزايا لصالح الإنسان المتمثلة في حالة النظام والأمن والحرية للجميع. وبهذا المعنى يتحدد المجتمع مع روسو كترابط إرادي حر واعي بين الأفراد بناء على علاقات منظمة ومنافع متبادلة.
تتأسس أطروحة النص على مفاهيم أساس هي المجتمع الذي حددنا معناه سابق، إضافة إلى مفهوم حال الطبيعة  الذي يشير إلى الحالة السابقة على المجتمع والتي شهدت الصراع بين الأفراد والحروب التي لا تنتهي. أما حال المدنية فيشير إلى تلك المرحلة التي أعقبت الخروج من حالة الطبيعة، ويقصد به المجتمع أو الاجتماع... ويمثل العقد الاجتماعي المفهوم الأساسي داخل النص ويتحدد كاتفاق إرادي واعي بين الأفراد لتسيير شؤونهم باللجوء إلى الحق والعقل في مقابل القوة، والحرية المدنية المشروطة باحترام حقوق الآخرين في مقابل الحرية الطبيعية الحيوانية التي تخلق الفوض والظلم والاعتداء على الآخرين..
ويتأسس النص على بنية حجاجية أساسية قائمة على المقابلة بين حالتي الطبيعة والمدنية. ويمكن صياغة هذه التقابلات كما يلي: حالة الطبيعة يسودها الوهم ، وفقدان الأدل، وطغيان الجانب الجسدي اشهواني والأنانية والتوحش والانحطاط والبلادة والحرية الطبيعية المرتبطة بالقوة والحق اللامحدود .. في المقابل تتميز حالة المدنية بالعدل والادب والقيام بالواجب ومراعاة المصالح المشتركة واتساع الافق العقلي والفكري وسمو النفس ونبل العواطف والحرية المدنية المرتبطة بالتعاقد المؤسس على الحق...
هكذا يتبين من خلال ما سبق أن أساس الاجتماع الانساني حسب روسو يقوم على الاتفاق والتعاقد من أجل تجاوز حالة الطبيعة بسلبياتها ومساوئها إلى حالة المجتمع حيث سيادة التوافق والقانون والحق.
استنتاج:
يمثل النص نموذجا لفلاسفة العقد الاجتماعي الذين يؤكدون أن المجتمع تأسس على التعاقد بين الأفراد لضمان حقوقهم الأساسية وهي الحرية والأمن والعيش في سلام. 


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من هم الفلاسفة الطبيعيون أو الحكماء الطبيعيون السبعة؟

الحرية والقانون Freedom and Law